المـرأة في الأمثال العربية والعالمية
د.احسان الأمين
«لا تدخل على المرأة إلاّ والسوط في يدك» (نيتشه) .
ارتبط اسم المرأة بالحبّ والجمال والمودّة والخيال ... فكانت المرأة عبر التاريخ يتشدّق بذكرها الاُدباء وينشد لها الشعراء ويصبو إليها كل قلب ... ولكن تساوى في هذا بنو البشر إنسهم وشياطينهم مَن قاتَلَ لأجلها ومن قُتِلَ في سبيلها ، فكلاهما هابيل وقابيل كانا مغرمين بالمرأة مشغوفين بحبّها وجمالها ...
ولذا فإن ما ورد من «أمثال وحِكَم» عن جمال المرأة وغرامها وحبّها وخيالها لا يهمّنا دراسته ونحن نريد أن نتعرّض إلى النظرة إلى المرأة كإنسان وموقعها من حياة الاُمم والشعوب ، وذا «نيتشه» الشاعر العظيم لم يمنعه شعره وخياله وشغفه بالمرأة وهيامه بها من أن يوصي بالعصا رفيقة للرجل ولغة لتعامله مع المرأة .
وهذا الحكيم الزمخشري يبتدئ نوابغ كلمه بقوله : «آنث من النسوة من اتّخذ النسوة أسوة» ... مع أنّ القرآن الكريم قد جعل من بعض النساء المؤمنات قدوة للذين آمنوا رجالاً ونساءً إذ يقول تعالى : (وضَرَبَ اللهُ مَثلاً لِلّذينَ آمَنُوا إمرأَة فِرعون ... ) .
ومن هنا فانّنا نبحـث عمّا وراء المظاهر من نظرات وخطرات طبيعة الفكرة عن المرأة والنظرة إليها وبالتالي أسلوب التعامل معها ، ومن خلال نظرة كلّية على جملة من الأمثال والحكم الشعبية حول المرأة والموروثة من معظم الحضارات ، يظهر لنا ما يلي :
1 ـ لم تتعامل هذه المقولات مع المرأة كإنسانة تشترك مع الرجل في صفات المنطق والعقل ويمكن أن تكتسب الفضائل التي يكسبها ، وإنّما تعاملت مع المرأة كأ نّها مخلوق آخر ، وغالباً ما خلق بلا عقل ، ويفتقد إلى التدبير ... بل انّه خلق لدور غير جدي في الحياة ، تحكمه العواطف وتدور حوله الأهواء ، فهنّ خلقن للمتعة والشهوة والأدوار الليلية لا غير .
وعلى الإجمال فإنّهم لم يعدّوا المرأة مخلوقاً عاقلاً ذا منطق واستدلال ، أو يمكن أن يكون له حكمة وبيان ، واختلفوا في وصف ذلك ، فبعض كان أقل إجحافاً عندما وصفها بذلك لغلبة العاطفة والرقة في طبعها الشفاف ولأ نّها خلقت لتكون طيفاً وحلماً وخيالاً ، والآخر عدّ ذلك لنقص مستحكم فيها ، فهي لا يمكن ـ في نظره ـ أن تكون عاقلة أو رشيدة لعدم احتمال تكوينها ذلك ولقصر مخّها وتفكيرها عن بلوغ النضج والكمال ، فاقرأ لهم :
«المرأة : طفل كبير» سقراط .
و «المرأة : رجل ناقص» أمين سلامة .
و «المرأة : انسان ناقص التكوين وكائن عرضي» توما .
وأيضاً : «المرأة : آخر شيء يمكن أن تصل إليه الحضارة» جورج ميرديت .
ورغم دور المرأة في حياة الانسان واُنسه بها ، إلاّ أ نّها تبقى عندهم : «حيوان بليد أحمق ولكنّه من بواعث الفرح والسرور» سقراط .
وهي أيضاً : «كالعبد للسيِّد ، وكالعامل بيده للعامل بعقله، ومثل الهمجي الإغريقي» أرسطو .
2 ـ انّ اسم النساء مرتبط بالشيطان ، «فالنساء حبائل الشيطان» . كما يقول المثل العربي ، والذي نجد له أمثالاً مشابهة عند سائر الشعوب الاُخرى ، ففي الفرنسية نجد :
«قلب المرأة يخدع الناس لأنّ الشيطان يموج فيه» .
وفي الألمانية : «إذا حكمت المرأة في مكان ، كان الشيطان رئيساً للوزراء فيه» .
وفي الإسبانية : «قبل أن يخلق الله الرجل ، خلق الشيطان المرأة» .
وفي الرومية : «عندما يبلع الشيطان المرأة لا يستطيع هضمها» .
وفي البولونية : «ولدت المرأة قبل الشيطان بثلاثة أيّام» .
وفي الهندية أيضاً نجد : «حتّى الشيطان يرفع يديه بالدعاء ليأمن شرّ المرأة» .
وليست هذه التعابير تصويراً لمكر المرأة ودهائها فقط ، بل انّها تحمل خلفية حقيقية تربط بين اسم المرأة والشيطان كمثال للشر والخلو من أي فضيلة ، وأ نّها بالتالي لم تأتِ من قبل الله ، وإنّما خلقت لجهنّم ، كما نرى :
في الفرنسية : «الرجل جيد لحياة البرزخ والمرأة لجهنّم» .
وأيضاً نجد : «يخرج من البحر الملح ومن المرأة الشرّ والبلاء» .
و «المرأة كلّها شر ، وشرّ ما فيها : جمال وجهها وجاذبية سحرها» .
و «المرأة معمل أسلحة للشيطان» .
وفي الإيطالية : «كل شيء يأتي من عند الله ، إلاّ المرأة» .
فهي : «شيطان نتعبه في محرابه ثمّ نستعيذ بالله من شرّه» .
وهي مرّة تكون «أداة الشيطان» دي فارين .
فهي «لعبتها الرجل والشيطان لعبته المرأة» هوجو .
وقد تكون هي بعينها «شيطان يدخلك الجحيم من باب الجنّة» سيبيريان .
3 ـ ولذا تربط الأمثال تلك بين المرأة والصفات السيِّئة ، وتسلب عنهنّ أيّة ثقة أو اطمئنان إليهنّ ، ففي الفرنسية نجد :
«مهما كان البحر خائناً ، فإنّ المرأة أكثر خيانة» .
و «عقيدة المرأة مثل النقش على الماء» .
وفي الألمانية : «صدق المرأة معجزة لا تصدقها» .
وفي الإيطالية : «لا تجد امرأة تقول الصدق تماماً» .
ولذا فهي لا يمكن الاطمئنان إليها أبداً ، ففي الأمثال البولونية :
«اعتمد على كلبك أكثر ممّا تعتمد على امرأتك» .
بل نجد ما يسـلب عنهنّ كل قيمة : «نحن نجعل النساء ما يسـاوين ، ولذا فهنّ لا يساوين شيئاً» ميرابو (1749 ـ 1791) .
4 ـ ونجد في الأمثال تشبيهاً للمرأة بكثير من الحيوانات ، تشبيهاً لا ينم عن تقدير لجمالهنّ أو تعـبير عن دورهنّ الأنوثي ، وإنّما غالباً ما يريد أن يربط بين سلوكهنّ وطريقة التعامل معهنّ بسلوك وتعامل بعض الحيوانات ، وفي ذلك أيضاً نوع من التحقير والإذلال ، فنقرأ :
في الفرنسية : «النساء والخيول : لا يخلوان من العيب والنقص أبداً» .
وأيضاً : «المرأة مثل الفرس دائماً تحتاج إلى ... » .
وفي الانجليزية : «المرأة مثل سمكة سردين بحر المانش ، جيِّدها ليس ممتازاً وسيِّئها يبعث على الكراهية» .
وفي الروسية : «الكلب أكثر فهماً من الزوجة ، فهو لا ينبح على صاحبه» .
وفي البولونية : «اعتمد على كلبك أكثر من امرأتك» .
وفي البرتغالية : «النساء والنعاج ينبغي أن تعود إلى المأوى : قبل هبوط الليل» .
وفي التركية : «النساء والخيول والكرمة تتطلّب أسياداً أشدّاء» .
وفي الهندية : «تعليم المرأة ، مثل اعطاء السكين بيد القرد» .
وقول منقول : «النساء مثل البراغيث ... يحققن أهدافهنّ بسلسلة من الوثبات المتعاقبة» .
و «المرأة كالحرباء ، فهي مجموعة من الألوان والعواطف والمشارب» شوبنهاور .
وأيضاً نقرأ : «المرأة عقرب حاذر منها وقت الغضب تمد اللسان والذنب وتريك العجب» .
وأيضاً : «المرأة تشبه الفيل ، فهي مسلّية إذا نظرناها ومتعبة إذا ملكناها» .
والغريب أ نّنا نجد كل هذه الأمثال «الحيوانية» في المرأة ويندر أن نجد مثلها في الرجال .
ونقرأ أيضاً : «المرأة كالحيوان : يجب أن تغذِّيها جيِّداً وتحبسها في البيت» .
وأيضاً : «المرأة كالعقرب تشق طريقها في الحياة بأن تلدغ كل من يقف في طريقها» اناتول فرانس .
و «المرأة كالقطة : تزيد في عذاب فريستها كلّما قاربت على الموت» .
و «المرأة دابة شقية ... بل هي دودة مركزها : قلب الرجال» .
و «المرأة مثل القطة تحيا بسبعة أرواح» جون حيود .
و «المرأة مثل الثعلب : رأس صغير وفراء جميل وحيلة لا تغلب» .
وهي «كالثعلب تعطيك لتفنيك» .
و «المرأة هي الأفعى التي اعتدنا لمسها اتقاءً لشرّها» .
وهي «أفعى مستورة بالثياب» سيافيدس اسكيت .
وخلاصـة القـول عندهم : «المرأة : حيوان يعيش بجوار الرجل له مؤهلات الاستعداد» .
و «المرأة حيوان يلذ له التعذيب» .
ولا يشفع للمرأة عواطفها ورقتها ، بل ولا دموعها ، فإنّها كاذبة ولا تنبع صدقاً ، لأنّ : «المرأة تمساح يجب أن يجفف دموعه» سيدين .
وهي : «حيوان سخيف وعذب» ابزا موسى .
و : «حيوان لها شعر طويل وآراء قصيرة» شوبنهور .
وهي : «آخر حيوان يستطيع الرجل أن يأنس به» جورج ماردوت .
5 ـ وتربط الأمثال وجود المرأة بالرجل وبالبيت ، وتعطي قيمة المرأة ، إن تعطيها ، بمقدار خدمتها في البيت ، وعبوديتها للرجل ، وهي تصدر من رؤية فلسفية قديمة مؤداها أنّ «المرأة خلقت لتسعد الرجل» ، فهي تعيش حياتها للرجل ، لا لنفسها .
ومن الطريف أن نقرأ في التاريخ ، أ نّه في عام 586م عقد في فرنسا مؤتمر للبحث في أنّ «المرأة إنسانة أم لا» ، وبعد مباحثات طويلة قرّر المؤتمرون أنّ المرأة إنسانة ولكنّها خلقت لخدمة الرجال ... ونجد في القانون الانجليزي القديم أنّ «المرأة ملك للرجل» ويحق له في أيّة لحظة بيعها ... وهي «أحطّ طبيعياً من الرجل» كما ينسب إلى أفلاطون، ونقرأ في الأمثال أيضاً :
الفرنسية : «المرأة الجيدة تعني الخادمة الجيدة» .
وفي الروسـية : «الزوجة الجـيِّدة تكون سـيِّدة أكثر كلّما كانت أكثر عبودية ـ للرجل ـ » .
وفي الألمانية : «المرأة والمدفأة كلاهما يجب أن يتعبا في البيت» .
وفي الإسبانية : «المرأة بلا زوج مثل سفينة بلا سكّان» .
ونقرأ أيضاً : «المرأة عورة فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان» .
6 ـ ومع كل ما تقدّمه المرأة للرجل من تضحيات ، ومع أ نّها تنفق راحتها وسعادتها لإسعاده ، إلاّ أنّ الرجل ينظر إليها وكأ نّها حمل ثقيل ... بل شرّ لا بدّ منه :
«فالنساء : متاع الرجل في الحياة ، وهنّ أشبه بمنقولات المسافر : تعب ومشقّة وحمل ثقيل يبهظ كاهله ... ولكن لا يمكن الاستغناء عنه» رديارد كبلنج .
وأيضاً : «النساء مشاكل ولكنّها مشاكل تلذ لنا مغالبتها» جيمس ادواردز .
و «المرأة ضرر لازم» مثل فرنسي .
7 ـ وهي أيضاً جالبة لكل ما هو سيِّئ ، من همّ ومرض وشؤم ، فهي ـ في نظرهم ـ رمز الشقاء والعناء ، واللون الأسود من الحياة ، رغم كل ما تحمله من جمال وأناقة وحيويّة وسرور ، انظر إلى ما يقولون :
«المرأة : هي المرض» بقراط .
وفي الأمثال العربية : «همّ البنات للممات» .
ونقل أيضاً : «الشؤم في النساء» .
وفي أحسن الأحوال : «المرأة مشكلة ، ولكنّها المشكلة التي يحبّ الرجل أن يتحداها» .
وأيضاً : «المرأة مخلوق تافه .. صنعت من ضلع تافه من أضلاع آدم وخرجت من الجنّة وأخرجته بسبب تافه» توفيق الحكيم .
وتلك مقولة توراتية ، فهي تعتبر المرأة : الخطيئة التي أخرجت آدم من جنّته ، لذا قالوا : «المرأة : أوّل من أخطأ في العالم» .
وجمال المرأة وحسناتها لا تغطي عوراتها ومعايبها وفتنها ، فهي تبقى رذيلة ـ عندهم ـ ولكنّها : «أجمل رذائل الطبيعة» ملتون .
وهي على أيّ حال : «أصل الشرور ويجب أن تعتبر قاصراً حتّى وهي متزوّجة» سان حيروم .